الإعلامية التونسية مروى وشير: وجود المرأة في الإعلام الرياضي بات كالملح في الطعام

بتاريخ: 2020-08-15
text

تعتبر الإعلامية مروى وشير من التونسيات المتفوقات اللاتي يعملن في المجال الرياضي، تتمتع بحضور وتجربة غنية أكسبتها الشهرة وثقة المتابعين وهذا الأمر لم يأت بمحض الصدفة وإنما بالثقافة والموهبة والبساطة والجرأة وخفة الظل وسرعة البديهة وقوة الحضور ، وعلى الرغم مما واجهته من صعوبات اختراقها العمل الإعلامي في المجال الرياضي، إلا أن إصرارها على تحدي ذاتها وتحدي العوائق، وضعها ضمن القلائل في هذا المجال .. عن نظرة المجتمع لعملها وحضورها ومشوارها في الإعلام الرياضي كان لنا هذا الحوار ..

*- الإعلام مجال مهني صعب جداً .. فلماذا إحترفت مروى وشير الإعلام الرياضي؟ ومن الذي شجعك على دخول المهنة ..؟
في الواقع دخولي لمجال الإعلام الرياضي كان حباً في هذا التخصص الذي جعلني أدرس الصحافة، كان حلماً رافقني منذ الصغر بسبب عشقي للرياضة بمختلف أصنافها ومتابعتي مع عائلتي للمباريات والبرامج الرياضية.. وبما أن هذا المجال كان في وقت ما حكراً على الرجال ولأني امرأة تعشق التحدي، قررت أن أكون واحدة من السيدات اللاتي يسعين لكسر تلك القاعدة ويثبتن أنّ المرأة قادرة على فرض نفسها في هذا القطاع بل والتفوق على الرجل، والحمد لله أعتقد أننا نجحنا في ذلك.

*- هل تشجعين وجود العنصر النسائي في وسائل الإعلام الرياضية؟
طبعا وإلا لما اخترت التخصص في هذا المجال، وجود المرأة في وسائل الإعلام الرياضية بات كالملح في الطعام، ضرورة لا بد منها لجعل هذا القطاع أكثر حيوية بل يمكن اعتبار وجودها إفادة للرجل حين يجد نفسه أمام منافسة شرسة معها، وهو ما حدث معي شخصياً حين كان زملائي في البداية يرفضون فكرة أن تتواجد امرأة معهم في الملاعب وفي استديوهات التحليل فكان ذلك دافعاً أقوى لي ولهم لتقديم الأفضل.

*- ماهي الصعوبات التي واجهتكِ في بداية مشوارك الإعلامي؟
يمكن أصعب شيئ كما أسلفت الذكر هو العقلية التي تقيدنا كنساء بمجالات معينة ورفض الرجال لفكرة أننا قادرات على مزاحمتهم في هذا المجال، لكن صراحة أعتبر نفسي محظوظة مقارنة بغيري من الإعلاميات الرياضيات، كوني نشأت في كنف عائلة رياضية وبلد متحرر كتونس يسمح للمرأة بالتواجد في أي مجال تختاره بل وحمايتها ودعمها على المضي قدماً، صحيح أن بعض الزملاء لم يقتنعوا بذلك منذ البداية لكن عملي أثبت أحقيتي وجدارتي في التواجد معهم، واليوم أجد كل الدعم من جميع زملائي الرجال.

*- هل سنرى يوماً ما معلقة رياضية أم هذا أمر مستحيل بحد رأيك؟ ولماذا؟
المعلقات الرياضيات متواجدات في تونس وخارجها واليك مثال البطلة التونسية السابقة في التنس سليمة سفر التي علّقت على أكبر مباريات التنس في العالم، والجزائرية ليلى سماتي التى أحدثت نقلة نوعية في الإعلام الرياضي العربي، لكن شخصياً لا يستهويني التعليق بقدر ما أعشق التحليل الفني وإدارة الحوار، أحب طرح المشاكل وأكشف النقاب عن ملفات الفساد التي تنخر رياضتنا بمختلف أصنافها والسعي لإيجاد الحلول حتى أشعر أني كنت عنصراُ فاعلاً ومفيداً، وهو ما حققته ولو نسبياُ حين كنت أعمل بالراديو.

*- بماذا تنصحين خريجات كليات الإعلام؟ وماذا يستطعن فعله كي يصبح لهن دور في الساحة الإعلامية الرياضية في الوطن العربي؟
أنصحهن بالتسلح بالإرادة والعزيمة وقوة التحدي والثقة بالنفس، وأن لا يكترثن لمن يحاول عرقلتهن، بل يركزن فقط على كيفية إثبات جدارتهن وتقديم الإضافة للرقي بهذا القطاع وهن قادرات على ذلك.

*- لماذا ترتبط الرياضة بالرجل دائماً فمن النادر أن نجد إعلامية تهوى هذا المجال؟
أولاً.. لأننا نشأنا في بيئة محافظة ولأنّ الرجال ظلوا لفترة طويلة يحتكرون هذا المجال فكان من الصعب تقبل فكرة مشاركة المرأة لهم ورفض أهلها لذلك وهو ما جعل أغلب الفتيات يخترن مجالات أخرى خوفاً من المجازفة ونظرة المجتمع لهن، لكن كل هذا تغير اليوم وأصبحت المرأة متواجدة بقوة في أغلب المحطات الإعلامية الرياضية، نجدها مقدمة برامج، محللة فنية، معلقة، مراسلة من الملاعب والقاعات الرياضية، والأمثلة عديدة.

*- كيف تجدين الإعلام الرياضي مقارنة مع واقع الرياضة التونسية؟
رغم أن الإعلام الرياضي التونسي لازال يولي اهتماماً أكبر بالذكور وخاصة في مجال كرة القدم، إلا أنّ الرياضة النسائية التونسية باتت تفرض نفسها بقوة في أكبر المنابر الرياضية التونسية بعد أن حققت بطلاتنا ألقاباً شرفت تونس والعالم العربي، على غرار أنس جابر في التنس، خلود الحليمي في الملاكمة، حبيبة الغريبي في ألعاب القوى، منى شباح في كرة اليد، عزة بسباس وايناس البوبكري في المبارزة بالسيف، مروى العمري في المصارعة، دون نسيان طبعاً الإنجازات الكبيرة التي قدمتها بطلاتنا من ذوي الاحتياجات الخاصة كروعة التليلي وريما العبدلي والقائمة تطول...
وتجدر الإشارة أيضاً أنّ أحد أعرق وأشهر البرامج الرياضية في تونس تقدمه اليوم الإعلامية القديرة رجاء السعداني ومثلها قدمت الزميلة الراقية سهام العيادي في السابق برنامجاً رياضياً وكلتاهما أعتبرهما مثلاً أعلى لما تكتسبانه من خبرة وحرفية.

*- كيف تتصورين مستقبل الصحافة الرياضية أو نوعية التطور الذي يمكن أن يحدث لها في ضوء سهولة انسياب المعلومات والأخبار عبر شبكة الانترنت ؟
اليوم وبفضل صحافة الموبايل وشبكات التواصل الاجتماعي باتت المعلومة سهلة الوصول للمتلقي، فاليوم أصبح هناك بث لايف للمباريات والنزالات وأكبر السباقات في العالم وهو ما يسّر المهمة على الصحفي، فأصبحت المنافسة على من يكون أسرع في نقل النتائج والسكورات طبعاً مع ضرورة التأكد من المعلومة ونقلها بكل دقة ومصداقية للمتلقي.

*- يقولون عنك: "لا تقبلين إلا أن تكوني في المقدمة".. لماذا؟
لأن ذلك شعاري منذ أن قررت دراسة وامتهان مجال الإعلام الرياضي، اخترت أن أكون مميزة عن غيري وأكون نموذجاً يحتذى به في التحدي والسمعة الطيبة باحترامي لأخلاقيات المهنة وللجمهور الرياضي، وهو مبدأ أحارب من أجله ولن أتخلّى عنه مهما حييت وسأسعى بما أكتسبته من خبرة أن أثبت للجميع قدرة مروى وشير على التواجد في المقدمة...

*- هل تمارسين الرياضة؟
طبعا، أمارس منذ الصغر إلى اليوم أم الألعاب، كنت أشارك في سباقات العدو الريفي، ومارست لفترة رياضة الجمباز والتنس.

*- ما اللعبة التي تتابعينها؟
أتابع جميع الرياضات الفردية والجماعية، خاصة كرة القدم، كرة اليد، والفنون الدفاعية والقتالية، فضلاً عن التنس.

*- والفريق الذي تشجعينه؟
في تونس أشجع النادي الأفريقي الملقب بفريق الشعب، وخارج تونس أشجع البلوغرانا "برشلونة".

*- مارأيك بما يقال بأن عصر الإعلام المطبوع انتهى؟
لا أتفق مع ذلك، صحيح أنّ الاعلام الرقمي طغى على المشهد الإعلامي، لكن ذلك لا يعني أن الإعلام المطبوع اندثر تماماً، فإلى حد اليوم لازالت فئة كبيرة من المجتمع تقتني الجرائد بشكل يومي وتتابع الأخبار والمواضيع المعمقة التي لا تجدها على المواقع الإلكترونية.. وهذه الفئة هم من المثقفين وكبار السن.

*- هل تستفيدين من أخطائك؟
طبعاً، تلك الأخطاء هي التي جعلتني أسعى لتطوير ذاتي وقدراتي لأكون أفضل... لا أحد فينا يمتلك الكمال جميعنا نخطئ والقوي هو الذي يبني من خلال أخطائه حتى يحسن أدائه.

*- ما هي علاقتك بالمكياج والازياء والأناقة ؟
بقدر عشقي للرياضة بقدر ما أعشق الاهتمام بمظهري، أحب المايكاب والعطور الفرنسية والتنسيق في الأزياء حتى أكون دائماً في أبهى حلة وتماماً مثل عملي أعشق أن أكون مميزة ولا أشبه أحداً حتى في أناقتي.

*- لو أننا امتطينا جياد أحلامك فإلى أين ستحملنا؟
سآخذكم في رحلة نحو عالم مليئ بالتحديات، حلمي أن أعتلي أكبر المنابر الإعلامية وأكون رائدة في مجال الإعلام الرياضي، فيقول الجميع تلك مروى وشير الفتاة التونسية الحالمة والطموحة القادمة من ربوع الجنوب التونسي من ڨفصة نجحت في أن تشرف بلدها بأن أصبحت إحدى أقوى وأكفأ الإعلاميات الرياضيات، تلك الفتاة تحدّت العقلية الذكورية وتحررت من نظرة المجتمع المقيدة للمرأة فأثبتت أنها منافسة شرسة للرجال وإيماني بالله كبير بأنه سيساعدني في تحقيق ذلك.
صفوان الهندي

 

اضافة تعليق

back-top