الجلطة الدماغية تستوجب سرعة التصرف

بتاريخ: 2019-07-30
text

الجلطة الدماغية، ويطلق عليها كذاك السكتة الدماغية، انسداد أو إعاقة لتدفق الدم إلى أحد أجزاء الدماغ، يؤدي إلى تلف الخلايا لعدم تدفق الدم ولو لمدة قصيرة، وإذا تلف شيء منها فإن الأعضاء التي تتحكم فيها هذه الخلايا تتأثر وظيفتها وحركتها لتصل إلى الشلل؛ ولذلك فإن الجلطة الدماغية أخطر من القلبية، والجلطة أيا كان نوعها خطيرة لأنها تؤدي لتلف كامل أو جزئي في عضوٍ أو أكثر من أعضاء الجسم، وتصل في بعض الحالات إلى الوفاة.

إشارات مهمة

تحدث الجلطة الدماغية نتيجة انسداد شريان أو انفجار الأوعية الدموية، وهي الأكثر شيوعاً للوفاة بعد أمراض القلب والسرطان، ويعاني البعض اضطراباً مؤقتاً في تدفق الدم إلى الدماغ، وتظهر علامات تشير إلى الإصابة بها، مثل حدوث شلل أو تنميل في الوجه أو الذراع أو الساق، ويحدث غالباً في جانب واحد، صداع في الرأس، فقدان التوازن أثناء الحركة، صعوبة في الكلام والفهم.
تختلف الأعراض بحسب المنطقة التي تعرضت لنقص في وصول الدم، فكل منطقة من الدماغ مهيأة لوظيفة معينة، عادة تبدأ الأعراض فجأة في غضون دقائق وحتى ثوانٍ، باستثناء حالات نزيف المخ العنكبوتي وتخثر الأوعية الدماغية والنزيف الداخلي للمخ، ولا يكون الصداع مصاحباً للجلطة الدماغية.

يمكن أن تساعد بعض الأعراض على الإدراك المبكر للجلطة مثل فقدان الحس في منطقة معينة بالجسم بحسب الجزء المتأثر في المخ، ضعف في عضلات الوجه والأطراف أو ضعف كلي للجسم، تغير في نبض القلب والتنفس، انحناء جفن العين، قصور في القدرات الإدراكية، اضطراب في التفكير، وفقدان للذاكرة.
فحوص متنوعة

يجري الطبيب الفحص البدني من خلال مجموعة من الاختبارات مثل الاستماع إلى القلب، قياس ضغط الدم، إضافة لفحص عصبي لمعرفة تأثير السكتة الدماغية على الجهاز العصبي، ويتم فحص للدم ومدى سرعة تجلطه، وحالة سكر الدم مرتفع أم منخفض.
يلجأ الطبيب كذلك إلى التصوير المقطعي بالأشعة السينية لتكوين صورة مفصلة للدماغ، يحتمل ظهور نزيف أو ورم، ويحقن الأطباء صبغة في مجرى الدم لرؤية الأوعية الدموية في العنق والمخ بصورة أكثر تفصيلاً.
يستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي لتكوين رؤية مفصلة للمخ، والكشف عن أنسجته المتضررة، ويتم حقن صبغة في الأوعية الدموية لرؤية الشرايين والأوردة والتركيز على تدفق الدم، كما يتم من خلال الموجات فوق الصوتية التقاط صور مفصلة لبطن الشرايين السباتي في العنق، وتظهر الصور أيضاً تراكم الشحوم «اللويحات» وتدفق الدم في الشرايين.
يقوم الطبيب برؤية صور مفصلة للشرايين، من خلال صورة وعائية دماغية، تتم بغرز أنبوب رفيع «قسطرة» من خلال شق صغير ويوجهه نحو الشريان السباتي أو الفقري، ثم يحقن صبغة في الأوعية حتى تكون الصور ظاهرة للتصوير بالأشعة السينية.
يستعان بمخطط صدى القلب الموجات الصوتية لتكوين صورة مفصلة للقلب، ويستطيع إيجاد مصدر الجلطات في القلب، والتي ربما انتقلت إلى الدماغ وتسببت في حدوث السكتة.

قاعدة الإنقاذ

يطلب من المريض أن يمد ذراعيه إلى الأمام، ويدير راحته إلى أعلى، وفي حالة إصابته بالشلل لا يستطيع رفعهما أو خفضهما، وكذلك يطلب منه أن ينطق جملة ما، فإذا عجز أو كان صوته ضعيفاً أو أهمل لفظ من الجملة، فهذا يعني أنه مصاب باضطراب لفظي.
يجب طلب الإسعاف فوراً إذا عجز عن القيام بأحد الاختبارات الثلاثة السابقة، وإخبار الطبيب بما حدث، لكن يبقى في هذه الحالة عدم تقديم الطعام أو الشراب للشخص الذي يشتبه في إصابته بجلطة دماغية، إذ يمكن أن يتسبب عجزه عن البلع في اختناقه.

حالة طارئة

يعتمد علاج الجلطات الدماغية على نوعها، ويتم تقديم العلاج في الطوارئ؛ باعتبارها حالة طارئة تتطلب علاجاً سريعاً، وفي حالة الجلطة الانسدادية يستخدم الطبيب أدوية مذيبة للجلطة في الساعات الثلاث الأولى من حدوثها، وإذا أُعطيت عن طريق الوريد وكلما كان التوقيت مبكراً كانت النتائج أفضل في إنقاذ المريض، وتقليل المضاعفات التي تواجهه، ويُعطى الأسبرين في الطوارئ بسرعة كي يقلل من احتمالية حدوث جلطة أخرى.
يقوم علاج الجلطات الدماغية النزفية على التخفيف من النزيف والتقليل من الضغط على الدماغ، باستخدام أدوية، لمنع التشنجات والانقباضات الوعائية، وعندما يتوقف النزيف تقدم رعاية طبية داعمة إلى حين امتصاص الجسم للدم.

إعادة التأهيل

يدرك مريض السكتة الدماغية أن حياته بعد الإصابة ليست كما قبلها، فهناك متغيرات طرأت تؤثر في استقلاليته ونمط حياته، وبالتالي هذه المتغيرات يمكن علاجها بشكل كامل أو جزئي مع الخضوع لجلسات من العلاج الفيزيائي وإعادة تأهيل، بحيث يكون التحسن مرهوناً بمدى شدة الإصابة والمناطق المتضررة في الدماغ.
يعتبر العلاج الطبيعي من أهم السبل العلاجية لإعادة تأهيل مرضى السكتة الدماغية، ويهدف إلى تعليم المريض كيفية التأقلم مع وضعه الصحي الجديد والعيش بشكل طبيعي إلى أن يصل إلى الشفاء التام، وهو السبيل الأول لعلاج آثار الجلطة عبر تنمية قدرات ووظائف الجسم بالعديد من البرامج، وأهم ما في الأمر أن يكون لدى المريض العزيمة القوية والإرادة لمساعدته على عادة سرعة التجاوب مع العلاجات الطبيعية.
تحدث الجلطة الضغط على الأعصاب المسؤولة عن حركة الأطراف بنسب مختلفة، فيمكن أن يحدث شلل نصفي أو كلي، وفي أغلب الحالات تسبب فقدان الإحساس أو النطق.
يضع الأطباء المتخصصون في الطب الفيزيائي وإعادة التأهيل بالتعاون مع الطبيب المعالج، برنامجاً علاجياً شاملاً يتضمن نواحي عدة مثل تحسين قدرة المريض على التحرك والمشي ومعالجة النطق، وتكاتف المريض وأفراد أسرته يحمل آثاراً إيجابية في نجاح الخطة العلاجية.

الجلطة العابرة

عند انقطاع مؤقت في وصول الدم إلى جزء من الدماغ، تحدث الجلطة العابرة ولكن هذه المنطقة خلاياها لا تموت بسبب رجوع ضخ الدم إليها، يشعر المريض بنقص في وظيفة معينة من الدماغ ولكنه لا يستمر أكثر من دقائق أو ساعات، وهذه الجلطة مهمة فهي رسالة تحذير للمريض من احتمالية حصول جلطة كاملة إذا لم يبادر إلى علاج حالته.
يجب الحذر واستشارة الطبيب مع بداية ظهور علامات الجلطة العابرة، من ارتباك وفقدان توازن، ودوخة وصداع حاد، وتتطور الحالة إلى فقدان الوعي، وكلها مظاهر لأعراض عصبية، ويحدث ضعف وصعوبة في حركة عضلات الفم أو الوجه أو الجهاز التنفسي، ينتج عنه اضطراب في الكلام وعدم قدرة الشخص على التعبير عن نفسه، وأيضاً عدم فهم ما يوجه له من عبارات، ويكون عسر الكلام تأكيداً لحدوث الجلطة الخفيفة.
يعاني المريض العمى أحادي العين، وفيه تصبح الرؤية في عين واحدة، وتكون الصور في العين رمادية وباهتة، ويستمر ذلك لثوانٍ أو دقائق، كما يشعر بتنميل الأطراف وضعف أو خدر في أحد الجانبين من الوجه، ويفقد لفترة حاستي التذوق والشم.
يرجع سبب الجلطة العابرة إلى تصلب الشرايين وخاصة السباتي والفقري خارج الدماغ أو الشرايين الدموية الدماغية، ويحدث تشريح للشرايين عند حدوث تمزق صغير في البطانة الداخلية لجدارها، يدخل الدم بين الطبقات الداخلية والخارجية للوعاء الدموي، ما يسبب ضيق الشريان أو انسداده بالكامل.
يحدث التهاب للشرايين وخاصة عند النساء وكبار السن، سببه التهاب الأوعية الناخر، وأمراض النسيج الضام، وكذلك الأورام مثل سرطانات الدماغ، وأيضاً عندما يكون تخثر الدم مرتفعاً لأسباب وراثية جينية في أغلب الحالات.

اختلاف في الأعراض

تعد النساء أقل عرضة للإصابة بالجلطة الدماغية من الرجال، ولكنهن أعلى وأكثر عرضة للوفاة منهم، وتظهر الأعراض عن طريق الحالة العقلية المتغيرة والتي تشمل عدم التجاوب، إضافة إلى الإصابة بالارتباك والتغير المفاجئ في السلوك وحدوث الهلوسة.
تختلف أعراض الجلطة عند النساء عن الرجال، وتظهر في التقيؤ والغثيان، ومشاكل في التنفس، سقوط وإغماء وفقدان للوعي، ألم وضعف عام في الجسم، ورغم أن الجلطة بالنسبة للسيدات حالة طارئة إلا أنها تعد ثالث مرض يسبب لهن الوفاة.
يمكن للسيدات تجنب الجلطة من خلال تحسين نمط الحياة بالابتعاد عن التدخين، وممارسة الرياضة، وتناول الطعام الصحي، إضافة إلى السيطرة على أمراض مثل القلب، وضرورة تنظيم مستوى الكوليسترول بالدم.
يزيد من عوامل خطر الإصابة، ارتفاع ضغط الدم، مع عدم معرفتهن بالإصابة به، وأحياناً يكون نتيجة الحمل، وكذلك زيادة الوزن وبعض أمراض السكري، والتغيرات التي تحدث للصحة العقلية مثل القلق والاكتئاب، وتسبب بعض الأدوية الإصابة بالجلطة الدماغية لدى النساء مثل أدوية منع الحمل.

 

اضافة تعليق

back-top